التحكيم الوطني والدولي
يوفر المركز محكمين متخصصين؛ يتميزون بالخبرة والمعرفة في الشريعة الإسلامية والنصوص والمبادئ القانونية الوطنية، بشكل خاص المعمول بها في المملكة العربية السعودية وبريطانيا، إضافة إلى الخبرة والمعرفة بالقواعد والمبادئ الدولية؛ حيث يقدم نخبة من المحكمين الحاصلين على شهادات عليا في الفقه الاسلامي من الجامعات السعودية، وفي ذات الوقت حاصلين على الماجستير أو الدكتوراه أو كليهما في القانون الدولي.
مفهوم التحكيم:
التحكيم هو آلية خاصة لتسوية المنازعات بدلاً من اللجوء إلى المحكمة، فهو إجراء بديل لطرق حل النزاع التقليدية. من خلاله يتولى ناظر النزاع (المحكم) سماع أطراف النزاع، وفحص الطلبات والدفوع والأدلة، ومن ثم قفل باب المرافعة، وإصدار قرار مُلزم لأطراف النزاع (بقوة القانون)؛ إذ تنص معظم القوانين الوطنية على نهائية حكم التحكيم، كما هو الحال في نظام التحكيم السعودي 2012، ونظام التحكيم الإنجليزي 1996.
التحكيم عقد رضائي:
كما يتضح مما سبق فإن التحكيم هو اتفاق رضائي؛ فلا يمكن اللجوء للتحكيم إلا إذا تم الاتفاق عليه من قبل الأطراف. ولذا فإن مركز الاستشارات القانونية والتحكيم ينصح بالنص في العقود (خاصة التجارية والإستثمارية) على أن يتم حل النزاعات المستقبلية الناشئة بين الطرفين عن طريق التحكيم، وذلك من خلال إدراج شرط التحكيم في العقد ذي الصلة.
ولكن لا يعني ذلك أن النص عليه في العقد هو الوسيلة الوحيدة للجوء إلى التحكيم، حيث يمكن إحالة نزاع قائم إلى التحكيم عن طريق اتفاقية بين الطرفين؛ سواء أكانت الاتفاقية كتابية أو شفهية، لكن الواقع يشهد بصعوبة التوصل إلى اتفاق بين الأطراف أثناء نشوب نزاع بينهما. وسواء أكان الاتفاق على التحكيم سابق على النزاع أم لاحق له فإنه لا يعني عدم إمكانية أطراف النزاع اللجوء إلى وسائل حل النزاع البديلة كالمحاكم، إذ يظل بإمكان الطرفين الاتفاق على حل نزاع معين بأي وسيلة أخرى؛ بالرغم من وجود اتفاق التحكيم بينهما، ولكن (وخلافا للوساطة على سبيل المثال) لا يمكن لأي من طرفي اتفاق التحكيم الانسحاب من جانب واحد من الالتزام بحل النزاع عن طريق التحكيم.
اختيار المحكم:
عند اختيار التحكيم، وخلافا للقضاء فإن أطراف النزاع يفترض أن يتفقا على اختيار هيئة التحكيم، وإلا تم تطبيق آلية اختيار المحكم التي ينص عليها نظام التحكيم المطبق على التحكيم. وفي المعتاد؛ يقوم طرفي النزاع إما بالاتفاق على محكم واحد، أو الاتفاق على أن يختار كل طرف محكم ومن ثم يقوم المُحكمين المُختارين بإختيار رئيس هيئة التحكيم. كما قد يتفق أطراف النزاع سواء قبل نشوء النزاع أو بعده على اختيار مؤسسة أو مركز تحكيمي، والذي بدوره يقوم بتعيين هيئة التحكيم.
ويسعد مركز الاستشارات القانونية والتحكيم بتلقي طلبات اقتراح محكمين من ذوي الخبرة ذات الصلة بموضوع النزاع، أو تعيين أعضاء هيئة التحكيم بشكل مباشر، حيث يحتفظ المركز بقائمة واسعة من المحكمين المتخصصين في حل النزاعات، والذين لديهم اختصاصات متنوعة تشمل العلوم الشرعية، والأنظمة، والمسائل الفنية في العديد من أنواع النزاعات المدنية والتجارية والدولية.
مميزات التحكيم:
يتميز التحكيم (مقارنة بغيره من وسائل حل النزاع) بالعديد من الخصائص التي تجعله الوسيلة الأفضل لحل النزاعات، ونتناول هنا أهم مميزات التحكيم.
1- حرية أطراف التحكيم الواسعة
سواء أكان التحكيم وطني أو دولي فإن التحكيم يمنح أطرافه الحق في اختيار النظام المطبق على إجراءات التحكيم وموضوع النزاع، وكذلك اختيار القواعد التي تحكم الإثبات، كما يمنحهم اختيار مكان ووقت التحكيم. ولذا فيمكن القول بأن التحكيم يتيح لأطراف النزاع تفصيل آلية حل نزاعاتهم بشكل يتناسب مع طبيعة التعاقد، والظروف المحيطة بهما؛ سواء بالنسبة للنصوص والقواعد القانونية التي تحكم النزاع، أو اللغة المستخدمة اثناء العملية التحكيمية، أو مكان التحكيم، أو من يتولى الفصل في النزاع؛ وهي ما لا تتوفر في غيره من أدوات حل النزاع.
2- السرية
يتميز التحكيم كذلك بأنه إجراء سري، حيث تحمي غالبية القوانين الوطنية والدولية ما يتم الإفصاح به من قبل أطراف النزاع، أو ما يقدمونه اثناء سير العملية التحكيمية، بل وحتى تقارير الخبراء المقدمة، وشهادة الشهود، والحكم التحكيمي؛ يجب أن تكون سرية إذا طلب أحد الطرفين ذلك. وهذا ما ينص عليه نظام التحكيم السعودي 2012م، ونظام التحكيم الإنجليزي 1996م، ونظام التحكيم النموذجي الصادر من هيئة الأمم المتحدة 1998م. ولذا فهو يمكّن أطراف النزاع من حماية الأسرار التجارية أو غيرها من المعلومات التي قد يراها أحد الطرفين خاصة حتى وإن تم تقديمها إلى هيئة التحكيم.
3- نهائية الحكم التحكيمي وسهولة التنفيذ
يتميز التحكيم كذلك بأن قرار هيئة التحكيم نهائي وسهل التنفيذ، فهو لا يقل قوة عن الأحكام التي تصدر من المحاكم الوطنية، بل على العكس من ذلك؛ حيث أنه قد يكون أقوى وتنفيذه قد يكون أسرع مقارنة بالأحكام الصادرة من المحاكم. السبب أن الأنظمة الوطنية والمعاهدات الدولية تنص على نهائية الحكم التحكيمي، كما تنص على مجموعة من الأحكام التي تضمن سرعة تنفيذه من قبل جهات التنفيذ الوطنية. ومن تلك الأنظمة والمعاهدات على سبيل المثال؛ نظام التحكيم السعودي 2012م، ونظام التحكيم الإنجليزي 1996م، ومعاهدة نيويورك 1985م لتنفيذ الاحكام والموقعة من قبل 165 دولة بما فيها المملكة العربية السعودية وبريطانيا. فبينما الحكم الصادر من المحاكم الوطنية يكتسب قوته من القانون الوطني، فإن قرارات التحكيم (خاصة الدولية) تكتسب قوتها من القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية التي تلزم الدول الموقعة عليها بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكم.
أنواع التحكيم:
بشكل عام، لكل تحكيم ثلاث صفات مهمه، اعتمادا على ثلاث مسائل:
أولاً: الجهة التي تتولى العملية التحكيمية؛ هناك نوعي تحكيم؛ التحكيم المؤسسي والتحكيم الخاص. الفرق بينهما أن الأول يتم اختيار منظمة أو مؤسسة تحكيم تتولى العملية التحكيمية، وعادة ما يتم تطبيق القواعد الإجرائية الخاصة بهذه الجهة، أما التحكيم الخاص فيتم تعيين المحكمين بشكل مباشر من قبل أطراف التحكيم، كما يتم تحديد الإجراءات المتبعة من قبل الأطراف أنفسهم أو من يفوضونه (كالمحكم)
ثانياً: طبيعة النزاع ذاته، فإذا كان موضوع نزاع التحكيم مدني (كالنزاعات الزوجية والعائلية) اعتبر التحكيم مدنياً، وإن كان موضوع النزاع المعروض على التحكيم يتصل بعلاقة تجارية فإن التحكيم يعتبر تحكيم تجاري (على سبيل المثال إذا كان النزاع ناشئ عن عقد بيع أو عقد قرض تجاري)، أما إذا كان النزاع ناشئ عن عقد إستثمار وكان أحد أطراف النزاع الدولة والطرف الآخر يحمل جنسية دولة أجنبية؛ فإن التحكيم يكون تحكيما إستثماريا (من ذلك إذا كان موضوع النزاع مرتبط بتنفيذ إلتزامات ناشئة من عقد استثمار ترتبط الدولة كطرف فيه)، كما أن النزاع إذا كان أحد طرفيه الدولة والآخر شخص عام أو خاص يحمل جنسية هذه الدولة؛ فإن التحكيم يتصف بالتحكيم الإداري.
ثالثاً: جنسية عناصر النزاع، إذ بناء على ذلك فهناك تحكيم وطني أو محلي، وتحكيم دولي. فإذا كان عنصر أو أكثر من عناصر التحكيم تتصل بدولة تختلف عن دولة جنسية أحد طرفي التحكيم؛ فإن التحكيم يعتبر دوليا، على سبيل المثال عندما يكون تنفيذ العقد يقع في دولة تختلف عن دولة جنسية أحد الطرفين أو عندما تكون جنسية أطراف النزاع مختلفة. أما إذا كانت جنسية كافة عناصر التحكيم واحدة، فإن التحكيم يعتبر وطنيا أو محلي.
ومما سبق يتضح أن أي تحكيم يتصف بثلاث صفات (باستثناء التحكيم الإداري إذا دائما وطني)؛ على سبيل المثال: تحكيم تجاري دولي مؤسسي، وتحكيم استثماري دولي خاص، أو تحكيم مدني وطني مؤسسي.
وتبرز أهمية معرفة نوع التحكيم في تحديد النظام المطبق. فمن الضروري لكل محكم أو طرف في التحكيم أن يحدد نوع التحكيم قبل تحديد القانون الذي يحكم النزاع. فنزاعات التحكيم الاستثماري الدولي (على سبيل المثال) تحكمها مبادئ ونصوص قانونية تختلف عن التحكيم المدني الدولي والتحكيم التجاري الدولي. فالتحكيم الاستثماري منظم بموجب معاهدات ثنائية دولية أو معاهدات إقليمية، كما أن الدول عادة ما تضع له نظام خاص كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، حيث صدر نظام الاستثمار الأجنبي بموجب المرسوم الملكي رقم م/1 بتاريخ 05 / 01 / 1421هـ. وحيث أن المقام هنا لا يتسع لتناول كافة أنواع التحكيم بالتفصيل ومزاياها، كما أن من أهم أنواع التحكيم وأكثرها شيوعاً هو التحكيم الوطني والتحكيم الدولي، وحيث أن التحكيم الوطني يدخل ضمن التحكيم بشكل عام (وهو ما سبقت الإشارة إليه ابتداءً) فسوف نقتصر في القسم التالي على تناول أهمية التحكيم الدولي.
أهمية التحكيم الدولي:
في حين أن التحكيم لتسوية المنازعات المحلية يوفر بديلاً للجوء إلى المحاكم الوطنية المنشأة من قبل الحكومة. في كثير من الأحيان فإن أطراف المنازعات الدولية، لا تجد محكمة أو قانون مناسب للجوء إليه لحل نزاعهم. وبالتالي، فإن التحكيم يعتبر أكثر أهمية في النزاعات الدولية.
كما أن مزايا التحكيم الدولي لا تقل عما سبق الإشارة إليه من مزايا للتحكيم الوطني والمتمثلة في المرونة، وانخفاض التكاليف بنهائية قراراته وسرعة تنفيذها، والحق في سرية المعلومات المقدمة في النزاع، وتمتع أطرافه بالحرية في كافة الجوانب (كتحديد القانون الموضوعي والاجرائي، وقواعد الاثبات، واختيار مؤهلات من يتولى الفصل، وزمان ومكان ولغة التحكيم)، بل تتعاظم هذه المزايا في تحكيم النزاعات الدولية. فعندما تعبر الأطراف الدولية الحدود الوطنية، هناك عدد قليل من الهيئات القضائية المؤهلة والموثوقة للفصل في نزاعاتهم. وهو ما ينعكس سلباً على أطراف النزاع حيث يكون هناك عدم ثقة من قبلهم تجاه المحاكم الوطنية، وانعدام الثقة بشأن القانون المطبق على النزاع سواء على الموضوع أو الإجراءات؛ من قبل المحاكم الأجنبية. إضافة إلى ذلك فإن هناك العديد من التحديات والتي من ضمنها الاختلاف اللغوي، والثقافي والمعتقد والتي قد تؤثر على حل النزاع. إضافة إلى ذلك ما قد ينتجه الميول السياسي؛ إذ قد يؤثر بشكل مقصود أو غير مقصود عندما يتم نظر النزاع على الأراضي الأجنبية، مما قد يستلزم معه تحمل تكاليف باهظة للهروب من الأهداف والمصالح العامة للدولة مكان المحكمة التي تنظر النزاع.
صفات المحكم:
أيا كان نوع التحكيم؛ وطني أو دولي، أو تجاري أو مدني …، فإن المحكم يجب أن يتحلى بالعلم الشرعي والقانوني، والإلمام (بشكل خاص) بالقواعد والمبادئ والنصوص التي تحكم التحكيم، إضافة إلى الإلمام بمهارات إدارة العملية التحكيمية، والإتصاف بالنزاهة، والحيادية، والحكمة؛ وذلك للوصول إلى الغاية النهائية المرجوة من التحكيم بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن معرفة قواعد ومبادئ القانون الدولي والأنظمة الوطنية لمكان التحكيم، والمعرفة العامة الواسعة؛ هي أمور ضرورية لنجاح أي تحكيم دولي. لكن لا يعني ذلك أن يكون التحكيم هو حل مثالي فقط للنزاعات الدولية، ولكن لكافة النزاعات المحلية والدولية والتجارية والمدنية.
ونحن في المركز نؤمن بأن التحكيم هو الوسيلة الأفضل لكل نزاع محلي أو دولي، وسواء أكان تجاري أو استثماري، أو مدني … . كما أن المركز يسعد بالمشاركة في أي عملية تحكيمية، ويؤكد أنه على أتم الاستعداد في أن يكون طرف في التحكيم وفقا للأهداف السابقة سواء كمحكم أو وكيل لاحد الطرفين. ويمكن الاتصال بالمركز لتقديم طلب أو الإجابة على أي من استفساراتكم من خلال الضغط على هذا الرابط